الخميس، 13 ديسمبر 2012

الحياة الزوجية بين الروح و الجسد


كوني أنثى - الحياة الزوجية بين الروح و الجسد

 
العلاقة الزوجية علاقة خاصة دافئة، علاقة حميمة بين زوجين.. وهي علاقة مقدّسة, لأنها علاقة بناء, هذا المعنى شديد الأهمية لكي تتم بقية خطوات الحياة الزوجية بشكل صحيح، وبالتالي تأخذ العلاقة الحميمة بين الزوجين أبعاداً رائعة أكثر مِن كونها لقاء جسدين, فهي لا تتوقّف عند حدود الجسد، وإنما هي علاقة لها امتدادات عاطفية وإنسانية وروحية هائلة, لأنها علاقة حميمة توضع فيها بذرة الحب وتوضع فيها بذرة الإنسان.
 
و يجب على الزوجين أن يعلما أن العلاقة الزوجية هي ممارسة للحب وليس حركات ميكانيكية تُؤدَّى, وبالتالي فالتداخل بينه وبين أرق المشاعر الإنسانية قائم طول الوقت أو هكذا يجب أن يكون، وحين ينفصل عن هذه المشاعر تفقد العلاقة الزوجية أبعادها الوجدانية والروحية والإنسانية، وحينئذ يأتي أحد الزوجين أو كليهما إلى العيادة النفسية يعاني العلاقة، وقد تكون المعاناة صريحة أو متسترة خلف أشياء أخرى مثل آلام جسمانية أو أعراض قلق أو اكتئاب، أو مشكلات اجتماعية ليست لها قيمة، وفي الحقيقة يكون عدم التوافق الجنسي رابضاً خلف كل هذا.
الحب و العلاقة الزوجية:
الجنس حالة مؤقتة تنتهي بمجرّد إفراغ الشهوة، أما الحبّ فهو حالة دائمة تبدأ قبل إفراغ الشهوة وتستمر بعدها, فالشهوة تعيش عدة دقائق والحب يعيش للأبد, والرغبة الجنسية بين الزوجين قد تذبل أو تموت في حالة المرض أو الشيخوخة، ولكن الحب لا يتأثّر كثيراً بتلك العوارض في حالة كونه حُباً أصيلاً.
وفي ظلّ الحبّ يتجاوز الشخص كثيراً مِن التفاصيل فتصبح وسامة الرجل أو قوته غير ذات أهمية، ويصبح جمال وجة المرأة أو نضارة جسدها شيئاً ثانوياً.. والدليل على ذلك أنه حين يلتقي اثنان في علاقة غير مشروعة ومنزوعة الحب, فإنهما يكرهان بعضهما، وربما يكرهان نفسيهما بعد الانتهاء من هذه العلاقة الآثمة، ويحاول كل منهما الابتعاد عن الآخر، والتخلّص منه كأنه وصمة.. أما في حالة اللقاء المشروع في كنف الحب فإن مشاعر المودة والرضا والامتنان تسري في المكان وتحيط الطرفين بجو من البهجة السامية.
وفي وجود الحب يسعى كل طرف لإرضاء الآخر بجانب إرضاء نفسه أثناء العلاقة، بل إن رضا أحد الطرفين أحياناً يأتي من رضا الطرف الآخر وسعادته، فبعض النساء مثلاً لا يصلن للنشوة، ولكن الزوجة في هذه الحالة تسعد برؤية زوجها وقد وصل إلى هذه الحالة، وتكتفي بذلك، وكأنها تشعر بالفخر والثقة أنها أوصلته إلى هذه الحالة، كما تشعر بالسعادة والرضا أنها أسعدته وأرضته ويشعر هو أيضاً بذلك.
 
 في وجود الحب لا يُؤثّر شيب الشعر ولا تجاعيد الوجه على العلاقة الجسدية أما في غياب الحب فتتحوّل العلاقة الجنسية إلى استعراض بين الطرفين, فيحكي أحد المسنين بأنّ متعته الجسدية والعاطفية تتحقّق حين ينام في السرير بجوار زوجته المسنة فتلمس ساقه ساقها لا أكثر, فالإشباع هنا ليس إشباعاً فسيولوجياً فقط، وإنما هو نوع من الارتواء النفسي يتبعه إشباع فسيولوجي أو حتى لا يتبعه في بعض الأحيان، فيكون الارتواء النفسي كافياً خاصة حين يتعذّر الإشباع الفسيولوجي بسبب السن أو المرض.
 وهذا المستوى من الوعي الإنساني والوجداني ومن الثراء في وسائل التواصل والتعبير يحمي الرجل والمرأة من مخاوف الكبر والشيخوخة, لأنه يعطي الفرصة للاستمرار حتى اللحظات الأخيرة من العمر في حالة التوصّل الودود المحب، بل ربما لا نبالغ إذا قلنا إن الزوجين المحبين ذوي الوعي الممتد يشعران بأن علاقتهما ممتدة حتى بعد الموت، وهذا هو أرقى مستويات الوعي الإنساني وأرقى مستويات العلاقة الحميمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق