الأربعاء، 5 ديسمبر 2012

(افتح قلبك مع د. هبة يس).... يخونى ليه؟

هبة يس
:
عمرى 36 سنة، متزوجة منذ18 عامًا، تزوجت زوجى بعد قصة حب طويلة استمرت لمدة 4 سنوات، هو يكبرنى بعامين وكان صديق أخى الأكبر منذ الطفولة، كان الرجل الأول والأخير فى حياتى، فقد تفتحت أنوثتى على نظراته وكلماته الرقيقة لى، كان عمرى وقتها 14 سنة فقط، وكان هو طالبا فى الثانوية العامة، أحببته بكل ما عرفت من حب، وهو أيضا كان يحبنى ويخاف على ويشعرنى بأنى كل ما فى حياته.

تمت خطبتنا وهو فى السنة النهائية من الجامعة، وكنت ما زلت فى السنة الثانية من كليتى، وتزوجنا فور تخرجه لأنه والحمد لله عمله كان ينتظره فى أحد مشاريع والده التجارية، مرت حياتنا ميسرة وجميلة، وزادها جمالا أن رزقنا الله بولدين غاية فى الروعة والأخلاق والتفوق أيضًا، كثيرات هن من كن يحسدننى على حياتى، فقد كانت بالفعل أجمل حتى مما كنت أتمناه، صحيح أنه كانت تحدث بيننا مشاكل ومشادات أحيانًا، ولكنها كانت سريعًا ما تمر لأنى فعلا أحب زوجى ولا أطيق حالة الخصام بيننا، ودائما كنت أذكر نفسى بمميزاته وصفاته الحلوة الكثيرة، فهو إنسان ناجح ومحبوب على المستوى الاجتماعى، وأب حنون ومهتم بأولاده جدًا، وزوج طيب وجميل العشرة معى، فماذا أريد بعد ذلك إذًا؟

إلى أن حدث ما قلب حياتى رأسًا على عقب، منذ حوالى سنتين بدأ زوجى يتأخر كثيرا خارج البيت، وكثرت سفرياته التى تدوم كل منها ليومين أو ثلاثة، وأصبحت أشعر أنه بعيد عنى، وأنه ليس زوجى الذى أعرفه، فدب فى قلبى الشك، والذى كان فى محله، بعدما تأكدت من أنه يتكلم مع أخرى تليفونيًا أكثر من مرة كل يوم، ولمدة قد تصل إلى الساعة فى بعض المرات، وبعدما بحثت عرفت أنها قريبة له من بعيد، كانت تعيش مع زوجها بالخارج طوال السنوات الماضية، والآن قررت العودة إلى مصر مع ابنتيها بعد أن ترملت مؤخرًا، صدمت وشعرت بالشلل يلف رأسى، ماذا أفعل؟، وكيف أتصرف؟...

وما زاد ألمى وحطم قلبى أنى قرأت رسالة أرسلها إليها ذات مرة يقول لها فيها: (أنا لقيت نفسى معاكى)!!!، ألم يكن يجد نفسه معى وفى بيتنا وبين أولادنا؟، كيف هذا؟، ومنذ متى؟، وماذا فعلت له هى حتى يجد نفسه معها لا معنا؟، لا أعرف.

حاولت التماسك، وأخفيت عنه أنى عرفت، حتى قرأت رسالته لها يقول فيها إنه لابد لهما من الزواج، وأنه يحتاج إليها وهى تحتاج إليه ولا سبيل لهما غير أن يصبحا معا بقية العمر...!!!، كدت أن أفقد وعيى وأنا أرى تلك الكلمات، فانهرت وواجهته بكل ما أعرف، وهو لم يحاول الكذب أو المراوغة، بل على العكس صارحنى بأن ما عرفته صحيح وأنه فعلا انجذب إليها ويشعر بأنها تكمله وأنه لا يريد أن يغضب الله ففكر فى الزواج منها.

وهو يصارحنى بذلك بكى، خوفًا على ومن هول ما رأى من أثر الصدمة على وجهى وعلى قدمى التى لم تحملانى حينها فسقطت على الأرض أستمع إليه فى ذهول، قال لى إنه آسف إذا كان يؤذينى، وأنه لم يفكر يوما فى ذلك ولا فى البعد عنى أو فى ترك بيته وأولاده، وأنه لا يعرف ما الذى حدث له ولا لماذا، هو يعرف فقط أنه منجذب إليها، وأنه معها يشعر بأنه هو حقا، بينما كان يشعر أنه يمثل قبل ذلك، وأنه ليس سعيدا وراضيا بصدق.

زوجى رجل محترم، ليس من طبعه الخيانة أو العلاقات النسائية، أنا متأكدة من ذلك، وأنا أحبه كما لم أحب أحدًا من قبل، وبيتنا هادئ وجميل، وأولادنا يتمناهم الكثيرون... فأين المشكلة إذًا؟، أين الخطأ؟، ماذا ينقصنى حتى يخوننى؟، لماذا يجرحنى جرحًا كهذا بعد كل هذه السنين؟، هل أجد عندك رد يا دكتورة؟

وإلى (م) وإلى كثيرات غيرها ممن أرسلن لى رسائل بنفس المضمون أقول:
عندما يرتبط أى زوجين فى بداية حياتهما، يعتقدان مسبقا أن كلا منهما سيفهم الآخر ويشبع كل احتياجاته، فيفترض كل منهما أنه أبدا لن يأتى اليوم الذى سيحتاج فيه أحدهما إلى شىء ما أو إلى شعور ما ولن يجده، فتبدأ الحياة على هذا الأساس المثالى الوردى الساذج أحيانًا، لأننا مختلفون فى احتياجاتنا ومتطلباتنا، وفى الأشياء التى تسعدنا والأشياء التى تنغص علينا حياتنا، لهذا لا يستطيع العيش بهذا الأسلوب الهادئ البسيط إلا قله من الأزواج، الذين يستطيعون فعلا فهم بعضهما البعض، والتوافق مع بعضهما البعض، ومنح كل منهما الآخر لما يريده فعلا، أما الأغلبية الباقية فهى (تفترض) أو (تعتقد) أنها تقوم بذلك، وتمر الأيام لتفاجأ بأن تصورها خاطئ وأن اعتقادها غير حقيقى، وأن شريك حياتها لم يجد عندها ما يحتاج ففر بعيدًا يبحث عنه عند شخص آخر.

المشكلة هى أننا لا نفهم أحيانا ما الذى ينقص شريك حياتنا؟، وما هو الشىء المفقود حتى نوفره له؟، بل والمشكلة الأكبر أنه أحيانًا شريك حياتنا نفسه لا يكون يعرف ما الذى يبحث عنه فعلا، بل إنه يظل يبتعد ويبحث هكذا بعشوائية مطلقة حتى تسنح له الفرصة وتتهيأ الظروف ويجد ضالته هكذا قدرا فى طريقه، لهذا فإن أغلب حالات الخيانة أو الزواج الثانى لا تكون ناتجة عن مشكلة فورية أو حتى قريبة الحدوث، وإنما تكون دائما مشكلة قديمة وأزلية ومزمنة، يعانى منها أحد طرفى الزواج، ولكنها لا تظهر إلا حين يأخذ هذا الطرف الخطوة، ويبدأ فى تعويض النقص الذى يعانيه هذا بالارتباط بشريك جديد.

لقد بحث مستشارو العلاقات الزوجية فى بحث أمريكى عن الأشياء التى تصنع من الزواج علاقة قوية وسعيدة، والتى إن توفرت انعدمت فرص حدوث الخيانة أو الانفصال، ووجدوا أن أى زوجين يحتاجون إلى إشباع بعضهما البعض فى 6 مجالات مختلفة، هم:

1) الجانب المادى: المادة هى حجر الزاوية لاستقرار أى زوجين، لأنها تضمن البقاء والاستمرارية، لهذا فإذا كان الزوجان قادرين على تسيير أمورهما المادية بشكل مرضى للطرفين، فإن ذلك يرفع عبئا كبيرا ويحل مشاكل كثيرة من الممكن لها أن تدمر أى زواج، وإن لم يحدث فإن ذلك يشكل ضغطا مستمرًا على هذه العلاقة أو على الطرف غير الراضى بهذا الوضع على الأقل.

2) الجانب العاطفى: هذا هو الجانب الذى ينشر البهجة فى حياة أى زوجين، والذى يستشعر فيه كل منهما بالمتعة والسعادة فى حياته عمومًا وفى حياته الزوجية بشكل خاص، قد يأتى بكلمات رقيقة، أو بتصرفات معبرة، أو بهدايا جميلة، أو بنزهات وسفرات مجددة للروتين اليومى، أو بأى شكل آخر يحبه ويرضاه الزوجان معا، المهم أنه يحدث وأن شريكى العلاقة يستشعران بأن هناك مشاعر جديدة تضخ إلى حياتهما من حين إلى آخر.

هذا الجانب يحتاج إلى وقت وإلى تركيز حتى يؤتى بثماره ويعود على الزوجين وعلى العلاقة بالنتيجة المطلوبة، وحتى تصل رسالة أنى (أنا سعيد بحياتى مع هذا الإنسان).

3) الجانب الجسدى: وهو لا يشمل العلاقة الحميمة بمعناها المعروف فقط، بل يشمل أيضًا كل تقارب وكل خصوصية بين الزوجين، فربما لا يعرف البعض أن ليس كل الرضا والإشباع يأتى من حدوث العلاقات الحميمة كاملة، وإنما قد يحدث الكثير من التوافق والتناغم بين الزوجين لمجرد لمس الأيدى أو احتضان أحدهما للآخر، وقد يحدث الكثير من البعد والجفاء بينهما لمجرد افتقاد مثل هذه الأشياء البسيطة وبالرغم من حدوث العلاقة بشكل كامل.

ولا يوجد هنا قاعدة أو قانون فى هذا الجانب، فهناك من يهتم بعدد المرات أو توقيتها أو شكلها، ولكنه وفى حقيقة الأمر أن كل هذا لا يهم طالما كان الطرفان راضيين وسعيدين بعلاقتهما، والمشكلة دائما تحدث عندما يكون أحد الطرفين غير راض وغير مكتف، ولكنه يعانى فى صمت دون أن يخبر الطرف الآخر، أو حتى يخبره ولكن دون أى حل لهذا الوضع المضنى.

4) الجانب العقلى: وهو عبارة عن (الحوار) بين الزوجين، هل يوجد حوار بينهما؟، هل يستطيع الزوجان عمل محادثة مستمرة وشيقة بينهما؟، هل يستطيع كل منهما التعبير عن رأيه فى أى شىء؟، هل يستمتع كلاهما بتبادل المعلومات أو الأخبار؟، هل يوجد بينهما اهتمامات مشتركة؟، أو مجالات يحبان تبادل الكلمات حولها؟.

غالبا ما نغفل نحن الأزواج الشرقيين هذا الجانب، وقد لا نلتفت إليه أصلا، لكنه وبحسب الأبحاث والدراسات الواقعية يشكل عاملا مهما جدا فى الربط بين الزوجين، وفى جعلهما أصدقاء يحب كل منهما صحبة الآخر، ويفتقدها إن غاب، ولا يريد الاستغناء عنه أو استبداله بغيره من أجلها.

ويصبح النقص فى هذا الجانب مشكلة كبيرة تباعد بين الزوجين، وتدمر الحياة فعلا إذا كان هناك فارق كبير فى المستوى الثقافى أو التعليمى، فنجد أن الطرف (الأعلى ثقافة) دائمًا يبحث عن من يساويه فكرا وثقافة، ويمكنه الشعور معه بالتفاهم وإمكانية الحوار العقلى.

5) الجانب الروحى: هل يستطيع كلا الزوجين الإفصاح عما فى صدره بصراحة؟، هل يستطيع كل منهما سماع وتفهم شكوى الآخر؟، واحتواءه؟، والتخفيف عنه؟، هل يعلم كل منهما هموم وطموح وآمال الطرف الآخر؟، هل يشعر كل منهما بالأمان إذا عبر عن مشاعره بصدق للطرف الآخر؟....

لقد اعتدنا أن نخفى أو نكبت همومنا عن الآخرين دوما، حتى عن أقرب الناس إلينا، لكن هذا الوضع قاس ومتعب، ولابد للإنسان أن يأتى عليه الوقت وينفجر فيه من الضغط إن لم يجد لديه من يشاركه همه أولا بأول، إن الزوجين اللذين يستطيعان إشباع بعضهما البعض فى هذا الجانب تتعمق علاقتهما وتقوى جدا فورا وعلى المدى البعيد، فيشعر كل منهما أن الآخر هو صمام الأمان بالنسبة له، وأنه حقيبة همومه وأفكاره، ولا يشعر بالخجل أو الخوف من أن يحكى له عن إحباطاته ومشاكله ومشاعره التى لا يمكن لها أن تظهر أمام الآخرين.

6) الجانب الروحانى: والمقصود به مستوى النضج الروحانى، أو التدين، أو التقرب إلى الله، هل يجد الزوجان نفسهما متقاربين فى ذلك؟، هل يقومان بذلك معا؟، هل يتشاركان فى أى عمل تطوعى؟، أو فعل خير؟، أو عبادة ما؟.

النمو الروحانى المتقارب نعمة وهبة كبرى تلقى بظلالها على بقية الحياة بأشكال مباشرة وغير مباشرة، ولا يشعر بقيمتها إلا من جربها بالفعل، ولا يقدر معنى افتقادها أكثر من الزوجين المتناقضين أو المتباعدين من هذه الناحية، بحيث تشكل دائما نقطة خلاف بينهما.

والآن وبعد كل هذا بقى لنا أن نعرف أن الأشخاص مختلفون من حيث إن هناك من يسمى بالزوج _ أو الزوجة_ (البسيط) الذى يرضى بتوفر جانب أو اثنين من هؤلاء فى حياته الزوجية، ويكتفى بذلك ولا يتعب نفسه فى البحث عن بقية الجوانب أو محاولة إكمالها، بينما يوجد الزوج (المعقد)، الذى لا يرضى ولا يسعد ولا يهنأ له بال إلا إذا اكتملت كل هذه الجوانب فى علاقته أو فى زواجه، وغالبا نجد أن تعدد العلاقات أو الخيانة أو الزواج المتكرر يأتى من أصحاب هذه الشخصية.

لهذا قد نجد زوجًا سعيدًا جدا وراضيا إلى أقصى حد فى زواجه، بينما نجد شريك حياته، والذى يشاركه نفس الظروف والحياة غير راض وغير مشبع ويشعر أنه يفتقد إلى الكثير، ويجد نفسه يبحث حوله عن من يكمل له هذا النقص، فيتعجب ويصدم وينهار الطرف الأول من مثل هذا التصرف لأنه كان يعتقد خطأ أن شريك حياته راض وسعيد مثله لمجرد أنه هو لا يشعر بأى مشكلة.

وعودة إليكِ ثانية يا (م) طالما أنك تقولين أن زوجك ليس خائنا بطبعه، وأنك متأكدة أنه ليس من النوع المحب لتعدد العلاقات أو (عينه زايغة) كما نقول، فمن المؤكد أن دافعه وراء ارتباطه بهذه الأخرى أنه وجد لديها ما كان يفتقده عندك.. فكرى بهدوء واقرأى هذا الموضوع على مهل، وضعى يدك على موطن النقص فى حياتك الزوجية، فربما شكى لك زوجك تصريحا أو تلميحا من أشياء معينة لم تعيري لها أنت اهتماما من قبل، أو اعتقدتى أنه ليس جادا فيما يقول، أو أنها ليست بالأهمية التى يحكى هو عنها، ولكنها هاهى التجربة القاسية تثبت لك أنك لم تكونى على حق، وأنك كان يجب أن تنصتى إليه أكثر من ذلك.

كان من الممكن أن أخذ الطريق السهل، وهو أن أتهم زوجك بأنه خائن وقليل الأصل وناكر للجميل ولا يقدر النعمة وو و...إلى آخره من الصفات التى نطلقها فورا على كل من ترك زوجته إلى أخرى دون أن نعرف ملابسات الموقف، لكن الحق والصواب، وما يطلبه الذكاء والفطنة فى مثل هذا الموقف أن نتوقف مع أنفسنا قليلا، ونفكر بأمانة وصدق فى خطأنا وتقصيرنا ومسئوليتنا عما حدث، وفيما يمكننا فعله وإصلاحه حتى تعود المياه إلى مجاريها، فصدقينى ربما يكون الانتقام لنفسك والثأر لكرامتك أسهل وأمتع وأكثر إغراء، لكن هدم البيت وفقدانك لزوجك الذى تحبيه، وافتقاد أبنائك لأبوهم _خاصة أنه شخص جيد ومتميز من الأساس_ شىء مؤلم وبالغ الأثر على الجميع، وأنا متأكدة من أنك لا تريدين ذلك ولن ترضى به، لهذا اهدأى وفكرى مع نفسك أولا، ثم تكلمى معه واسمعيه من قلبك لتفهمى أين العلة.. أتمنى لك أن يوفقك الله ويكشف عنك هذه الغمة.. وربنا معاكى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق